مدينة فاس: بين فاجعة الانهيار وطموحات التنمية

0
3

مأساة تهز مدينة فاس

شهدت مدينة فاس المغربية، فجر يوم الأربعاء 10 ديسمبر 2025، كارثة إنسانية مروعة إثر انهيار مبنيين سكنيين متجاورتين في حي المسيرة بمنطقة بنسودة، مما أسفر عن مقتل 22 شخصاً وإصابة 16 آخرين. وأوضحت السلطات أن المبنيين، اللذين يتكون كل منهما من 4 طوابق وتقطنهما 8 أسر، انهارا بشكل مفاجئ.

تعد هذه الفاجعة بمثابة جرس إنذار يكشف عن ثغرات خطيرة في قطاع التعمير والبناء. وذكرت معطيات أولية أن المبنيين تم تشييدهما في عام 2006، في إطار عمليات البناء الذاتي ضمن برنامج “فاس بدون صفيح”، مما يثير تساؤلات عن معايير الجودة والرقابة المعتمدة.

التحقيقات وتحديد المسؤوليات

أعلن وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية في مدينة فاس فتح بحث قضائي في حادث الانهيار، في خطوة تهدف إلى تحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصرين. وأكدت مصادر من عين المكان أن السلطات الإدارية والأمنية حضرت لفتح تحقيق حول أسباب الانهيار، خاصة وأن الحي يُعد من الأحياء الحديثة ذات الكثافة السكانية المرتفعة.

وأكد المرصد المغربي لحماية المستهلك، أن تكرار الفواجع المرتبط بانهيار البنايات لم يعد حدثاً عرضياً، بل نتيجة مباشرة لاختلالات قانونية وتقنية وإدارية، مما يستدعي تدخلاً شاملاً ومراجعة عميقة للمنظومة العمرانية.

مدينة فاس: رهانات التنمية والتطوير

رغم هذه المأساة، تواصل مدينة فاس مسيرتها التنموية بطموحات كبيرة. فقد بلغت قيمة الاستثمارات التي تمت المصادقة عليها إلى غاية متم شهر سبتمبر 2025 على مستوى جهة فاس-مكناس، 16,7 مليار درهم، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 91 في المائة مقارنة مع سنة 2024، مع إطلاق وتطوير مشاريع مهيكلة.

في القطاع الصحي، قام وزير الصحة والحماية الاجتماعية بزيارة ميدانية تفقدية لعدد من المشاريع الصحية بجهة فاس-مكناس، شملت المركز الصحي “سيدي عسو” بأزرو والمستشفى الإقليمي بنسودة بمدينة فاس، في إطار برنامج تعميم وتأهيل البنيات التحتية الصحية.

الخلاصة والآفاق المستقبلية

تقف مدينة فاس عند منعطف حاسم يجمع بين مواجهة التحديات العمرانية الملحة وتحقيق الطموحات التنموية. وتعد فاس من بين المدن الست التي ستستضيف مباريات نهائيات كأس الأمم الأفريقية، مما يضعها تحت الأضواء الإقليمية والدولية.

تتطلب المرحلة القادمة تضافر الجهود بين السلطات والمجتمع المدني لضمان تطبيق صارم لقوانين التعمير، وتعزيز الرقابة على جودة البناء، وتسريع وتيرة المشاريع التنموية. فالدروس المستفادة من هذه الفاجعة يجب أن تكون حافزاً لبناء مدينة أكثر أماناً واستدامة، تحافظ على إرثها التاريخي وتستشرف مستقبلاً واعداً لأبنائها.

التعليقات مغلقة