رحيل محمد هاشم: أيقونة النشر المستقل ومؤسس دار ميريت

0
2

خسارة كبيرة للمشهد الثقافي المصري

فقدت الساحة الثقافية المصرية والعربية يوم الجمعة 12 ديسمبر 2025، واحداً من أبرز رموزها وأكثرهم تأثيراً، برحيل الناشر محمد هاشم عن عمر ناهز 67 عاماً. مؤسس دار ميريت للنشر، الذي يُعد أحد أعمدة حركة النشر المستقل في مصر، ترك إرثاً ثقافياً غنياً ساهم في تشكيل مشهد أدبي أكثر حرية وجرأة على مدى أكثر من ربع قرن.

نعى وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو الراحل قائلاً إن فقدانه يمثل خسارة كبيرة للمشهد الثقافي المصري، مؤكداً أن محمد هاشم قدّم نموذجاً فريداً في العمل الثقافي عبر مسيرة ثرية اتسمت بالشغف والالتزام ودعم الأصوات الإبداعية الشابة.

دار ميريت: ثورة في عالم النشر

في عام 1998، أسس محمد هاشم دار ميريت للنشر في وسط القاهرة، في زمن لم تكن فيه حركة النشر المستقل قد نشأت بعد. تحولت الدار سريعاً إلى واحدة من أهم دور النشر المستقلة في مصر والعالم العربي، بعدما تبنت أعمالاً أدبية جريئة وقدمت جيلاً من الكتاب الشباب، وارتبط اسمها بالكتابة المعاصرة التي كسرت القوالب التقليدية.

لم تكن ميريت مجرد دار نشر، بل كانت مدرسة حقيقية في الحرية والإبداع، ومنارة ثقافية واجتماعية احتضنت نصوصاً جريئة، اجتماعية وسياسية وفنية، ورفضت الاستسلام للرقابة. أفسح هاشم المجال لأجيال متعاقبة من الكتّاب المصريين، واشتهر بجرأته ورهانه على الشباب والمواهب الجديدة.

مسيرة نضالية وثقافية حافلة

وُلد محمد هاشم عام 1958 بمدينة طنطا، وبدأ مسيرته المهنية صحفياً وكاتباً قبل أن يجد نفسه في موقع أكثر تأثيراً كناشر يفتح الباب للأصوات الجديدة. عُرف الراحل بمواقفه الوطنية والسياسية الواضحة، وكان من رموز ثورة 25 يناير، حيث انضم إلى حركة “أدباء وفنانون من أجل التغيير” وشارك في المظاهرات والأحداث الثورية.

على المستوى الإنساني، كان محمد هاشم شخصية محبوبة، بسيطة، صريحة، لا يخشى قول رأيه، ولا يتردد في دعم موهبة يراها تستحق. تحولت دار ميريت بفضل روحه الداعمة إلى مقر لكل من أحب الثقافة والفنون، وموطن للمثقفين المصريين والعرب.

إرث خالد وذكرى عطرة

أثار خبر رحيل محمد هاشم حالة واسعة من الحزن في الأوساط الثقافية، إذ نعاه كتاب وصحفيون ومبدعون ممن لمسوا دعمه لحرية التعبير واحتضانه لأصوات جديدة أعاد بها تشكيل ملامح الكتابة المعاصرة في مصر. رحيل محمد هاشم لا يمثل فقط فقدان اسم بارز في عالم النشر، بل طي صفحة مؤثرة من تاريخ النشر المستقل في مصر.

يظل إرث محمد هاشم حياً في عشرات الكتب والمؤلفين الذين دعمهم وآمن بهم، وفي الأجيال المتعاقبة من القراء الذين استفادوا من رؤيته الثقافية الحرة والجريئة. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

التعليقات مغلقة